صحة ولياقة

مزاج الرضيع وعلاقته بصحته النفسية

مزاج الرضيع | على عكس ما يشاع عن الرضع أنهم يأتون إلى العالم صفحة بيضاء إلا أنهم يكونون محملين بكثير من الإستعدادات والموروثات التى تتأثر بالعوامل البيئية، وتتبلور تلك العوامل فى شكل خصائص مزاجية لها بالغ الأثر فى تشكيل حياة الفرد فيما بعد.

وقد اتفق العلماء على أهمية دور الوراثة فى تحديد مزاج الفرد وارجعوه لعوامل عصبية وبيولوجية، وأكد كلا من” روثبارت ” و ” كيجان ” على هذا المعنى فذكرا أن المزاج الأصيل للفرد يتحدد بدرجة كبيرة من الجينات، وأن التغيرات التالية ممكن أن تكون ممكنة بالنسبة لبعض الأطفال ( ماريان دايموند ، 2005 ، 135ص ) ويشير استخدام لفظ مزاج فى علم النفس للدلالة على الطبيعة الوجدانية لأحد الأفراد كما تحددها الوراثة بصفة عامة فالمزاج بصفة عامة يتحكم فى قابلية الفرد للتأثر بالأوضاع الإنفعالية.

أما الحالة المزاجية كما يعرفها ” كاتل ”  كما جاءت في موقع طاسيلي ماهى إلا حالة وقتية أو حالة عابرة و لا تمثل بالضرورة الميل أو النزعة الدائمة وهكذا فقد أكون فى نوبة غضب وقتية دون أن يكون هناك بالضرورة استمرارية الميل إلى الغضب الدائم ( سناء سليمان ،2006، ص 226) وقد حظى هذا المنحنى بإهتمام علماء الغرب منذ أكثر من نصف قرن وتوصلوا لكثيرمن النتائج مما وفر لهم الكثير من المعرفة  بخصوص مزاج الرضيع.

إلا أن ندرة الدراسات العربية عن طبيعة المرحلة وما تحمله من مظاهر الصحة النفسية والإضطرابات قد تعمل على الإغفال عن أهمية التدخل المبكر فى علاج الإضطرابات التى قد تظهر فيما بعد وكيفية الكشف المبكر عنها أو عن العوامل المؤثرة بها.

– المزاج :Temperament:

عرف المعجم الموسوعى فى علم النفس المزاج  بإعتباره مجموعة من الخصائص البيلوجية والسيكولوجية التى تسهم فى صياغة الشخصية ( نوربيرسيلامى وأخرون، 2001، ص 2393 )، وقد عرفه كلا من  “بص وبولمان – Buss &Plomin ” على أنه مجموعة من السمات الموروثة التى تظهر فى وقت مبكر من الحياة وتتحدد من خلال عدة خصائص هى : أ) أنها موروثة ، ب) تشمل على فروق فردية وتضح فى مرحلة الرضاعة تحديدا خلال السنة الأولى من العمر (Rebecaa L shiner & others,2012, p .p 1:9 ).

وتعرفه الباحثة إجرائيا بأنه تضافرالعوامل البيلوجية والبيئية لتحديد الطبيعة العامة للشخص ويترتب عليها الطريقة التى يسلك بها تجاه البيئة، ويتحدد بالدرجة التى يحصل عليها الرضيع على 14 بعد تمثل الخصائص المزاجية لكل بعد درجة على حدى من خلال استبيان سلوك الرضيع المعدل .

– الصحة النفسية للرضيع : Infant mental health

تشير الصحة النفسية للرضع إلى قدرتهم على التعلم وتطويرعلاقاتهم وخبراتهم الإنفعالية، فعالمهم صغير للغاية ويكتسبون تطورهم وتعلمهم عن أنفسهم من خلال علاقاتهم مع المحيطين بهم، فالرضع الذين يشعروا بأنهم محبوبون ينموا لديهم شعور جيد نحو أنفسهم وتكون علاقاتهم أفضل وأكثر سهولة فيما بعد على عكس غيرهم ممن يشعرون بالنبذ. ( Joy osofsky,2016 ,p603; Lucy Zammarelli, Ma , 2011 , p7 ) .

وتعرفه الباحثة اجرائيا : بالتطور الاجتماعى والانفعالى واللغوى والمعرفى والحركى للرضيع كما أنه يشمل علاقته مع القائمين برعايته خلال ال 3 سنوات الأولى ، ويتحدد بالدرجة التى يحصل عليها الرضيع على 7 أبعاد، لكل بعد درجة على حدى من خلال مقياس الصحة النفسية للرضيع .

الفرق بين المزاج والطبع :

كثيرا ما يختلط المزاج بالطبع ولكن يعتبر المزاج هو ميل الفرد البنيوى التكوينى إلى الإستجابة إلى البيئة بطريقة معينة، على عكس الطبع الذى يعتبر مكون من هذا البناء فهو مكون داخل إطار الإمكانات التى تحيط بمزاج معين ( كمال الدسوقى ، 1990 ، ص 1478 ).

أبعاد المزاج :

لم يتفق العلماء على أبعاد محددة للمزاج ، فيرى “جولد سميث ”  Gold Smithأن الابعاد الأساسية للمزاج هى : 1- الغضبanger ، 2- الحزن sadnes ، 3- الخوف fear ، 4- المرح  joy،

5- السرور  pleasure .

وحدد كلا من ” بص و بلومان ” Buss &Plomin أن أبعاد المزاج :

  1. الإنفعالية emotionality ،2 – النشاط  activity ،3 – الكفاءة الإجتماعية sociability.

وفى الأبحاث المبكرة التى قام بها كلا من” توماس وتشيس ” Thomas & Chess على سلوك الرضع والتى عرفت بدراسات نيويورك الطولية  New York Longitudinal Study ( NYLS) ، حيث ركزوا على الاختلافات فى النمط السلوكى الذى ظهر فى وقت مبكر فى مرحلة الرضاعة ،ومن خلال تحليل المحتوى للمقابلات التى أجروها مع الأباء توصلوا إلى 9 أبعاد للمزاج هى :

•مستوى النشاط  Activity level                   .

•انتظام الوظائف البيولوجية      Rhythmicity biological function .

•الاقبال مقابل الانسحاب  Approach versus withdrawal         .

•القدرة على التكيف Adaptability               .

•شدة أو كثافة المزاج  Intensity of mood             .

•العتبة الحسية  Sensory threshold                    .

•نوع الحالة المزاجية  Quality of mood            .

•تشتت الانتباه  Distractability attention                    .

•استمرار الانتباه  Persistence attention span                .

Gold Smith & others, 1987, p p 512 : 513 ; Ann Sanson , 1995 , p 2) ( .

وحددت “روثبارت ” Mary Rothbart أنها بناء على دراسات توماس و تشيس وبالرجوع إلى أبحاث دياموند توصلت إلى 7 أبعاد هى :

( مستوى النشاط  Activity level    –  الابتسام والضحك   Smiling and laughter  -الخوف Fear  –  الضغوط المقيدة    Distress to limitations  – مدة الإستيعاب   Duration of orienting –   القابلية للتلطيف  Soothability  – النشاط الصوتى  The vocal reactivity ) . وقد صممت ” روثبارت ” استبيان سلوك الرضيع IBQ))  Infant Behavior Questionnaire وشمل السبعة أبعاد السابقين كما أضافت إليهم 7 أبعاد أخرين هم:

  • السرور البالغ            high pleasure .
  • السرور المنخفض      low pleasure  .
  • هبوط النشاط / معدل تخطى الضغوط  rate of recovery from distress / feeling reactivity
  • العناق                  cuddliness .
  • حساسية الادراك  perceptual sensitivity .
  • الحزن                    sadness.
  • الاقبال                    approach .

  (Gold Smith & others, 1987, p 513 ; Maria Agartstein& Mary k Rothbart, 2002,

p p 66: 73)

دور الوراثة والبيئة فى تطور المزاج :

تشير الأبحاث إلى استقرار مزاج الشخص عبر الزمن ، ولكن ذلك لا يعنى بالضرورة ثباته عبر المراحل الزمنية المختلفة ، بمعنى إذا كان شخص ما يحمل خصائص مزاجية تشير إلى نمط مزاجى معين فغالبا سيحتفظ هذا الشخص باستقرار تلك الخصائص وسيظل نمطه المزاجى كما هو ولكن قد تختلف درجة بعض الخصائص المزاجية باختلاف المراحل العمرية للشخص وخبراته، فتشير” روثبارت ”  إلى أن النضج البيولوجى هو تضافر عوامل الوراثة والبيئة معا وعلى الرغم من الاستقرار النسبى للمزاج إلا انه قد تحدث بعض التغيرات فى الخصائص المزاجية لمزيد من النضج أو الانتقال من مرحلة عمرية إلى أخرى .

( جيروم كاجان  ، 2014  ،  ص  39 – Gold Smith & Others , 1987, p p 516 : 518   Sanson & Mary k Rothbart , 1995, p 5) Ann

-الأهمية الوظيفية لدراسة المزاج :

ترجع أهمية دراسة الفروق الفردية فى مزاج الأطفال إلى مساهمتها فى التنبؤ بالتطور اللاحق، وخطر التعرض للأمراض النفسية، وعلى الرغم من أن  العلاقة بين الأمزجة والإضطرابات النفسية غير واضحة وذلك إما لتداخل الأسباب البيلوجية والبيئية المسببة للإضطرابات أو أن غالبا ما يركز الطبيب على زملة الأعراض مما يجعل من الصعب الكشف عن تأثير ميول مزاجية معينة على أى فئة من الفئات النفسية المرضية ، إلا أننا نستطيع أن نتعرف على الخصائص المزاجية فى مراحل مبكرة للطفل كمرحلة الرضاعة كما أن هناك بعض المحاولات لفهم العلاقة بين المزاج والإضطرابات النفسية ففى دراسة آن سانسون ومارى روثبارت (Ann Sanson & Mary K Rothbart ) ، بعنوان ( توقع السلوك الإجتماعى من خلال مزاج الرضع ) قام الباحثون بملاحظة مجموعة من الرضع وفحص أنماط مزاجهم وقد شملت العينة على نمطين ( نمط الرضع ذوى التفاعل العالى الإيجابى – ونمط الرضع ذوى التفاعل العالى السلبى ) بهدف التنبؤ بطبيعة سلوكهم الإجتماعى وأوضحت النتائج أن هناك ارتباط دال بين الرضع ذوى النمط عالى التفاعل الإيجابى وارتفاع الحماسة والتفاعل الإيجابى ، كما أن هناك ارتباط دال بين الرضع ذوى النمط عالى التفاعل السلبى وضعف المشاركة الإجتماعية فى فترة الطفولة المبكرة  وفى دراسة أخرى  قام بها ” محمد نادى وأخرون ” ( mohammed nadi & others ) بعنوان تصنيف الإضطرابات النفسية وفقا للمزاج اتضح وجود 4 أنواع من الأمزجة وهى  :- ( نمط عالى التفاعل وعالى المرونة – نمط عالى التفاعل ومنخفض المرونة – نمط منخفض التفاعل ومنخفض المرونة – نمط منخفض التفاعل وعالى المرونة ) مع وجود ارتباط بين المزاج والاضطرابات النفسية . 

( جيروم كاجان ، 2014 ، ص ص 192 :193 mohammed nadi and others ,2015 ;

Ann Sanson & Mary k Rothbart , 1995,p p 5: 18 ;  Nathan A Fox & Heather , A Henderson  1999)

الصحة النفسية :

وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن الصحة النفسية هى حالة الصحة الجيدة من الناحية الجسدية والعقلية والإجتماعية بشكل كامل وليس فقط غياب العجز والمرض. ( ( lee jong-wook,2003,p7.

تقييم الصحة النفسية للرضيع : بالحديث عن الإضطرابات النفسية هناك تصنيفين دوليين الرئيسين

( CIM-10 , DSM-IV ) للاضطرابات النفسية والعقلية ويشملان  تقييم شامل للاضطرابات ولكن لم يتم صياغتهما بشكل يلائم الرضيع، ولكن ظهر مؤخرا تصنيف  (DC0/3 )

Diagnostic Classification of Mental Health and Developmental Disorders of Infancy and Early Childhood، ويهتم بتصنيف الإضطرابات النفسية من الميلاد حتى عمر 3 سنوات ، وفيما يلى عرض لمحاور التصنيف :

المحور الأول : الإضطرابات الاكلينيكية ( وتشمل التصنيف الرئيسى ) فتحتوى على مجموعة من الاضطرابات مثل ( إضطراب ما بعد الصدمة – الحرمان وسوء المعاملة – إضطرابات القلق والاكتئاب – اضطرابات التوافق – اضطرابات تنظيم المعالجة الحسية – اضطرابات النوم – اضطرابات الغذاء – اضطرابات التعلق والتواصل – اضطرابات أخرى وفقا ل ( DSMIV – ICD10 ) .

المحور الثانى : ويتعلق بتقييم العلاقة بين الوالدين والرضيع .

المحور الثالث : الاضطرابات الطبية والنمائية ويتم تشخيصها من قبل الأطباء .

المحور الرابع: تقييم الضغوط النفسية والإجتماعية وتحدد بدرجة الإجهاد النفسى والاجتماعى.

المحور الخامس : تقييم النمو الانفعالى والبيئى طبقا لمستويات تتحدد من خلال تقارير الوالدين الذاتية لقدرات الرضيع .( لويس ألفاريس – برنارغولس، 2011، ص ص 93 : 95)

طالع ايضا : كبر حجم الأجنة وعلاقته بالسكري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *