التصوير الصحفي الكيفية والمفهوم
التصوير الصحفي | اقتحمت الصورة الصحفية حياة الانسان بفضل التطور التكنولوجي المذهل الذي شهده عالمنا الحاضر في مجالات شتى وخاصة مجال تطور وسائل الاتصال من الصحافة الورقية الى الصحافة الالكترونية الى الفضائيات والتي تنقل الى الانسان كل يوم آلاف الصور والمشاهد من عالمنا الذي يعتبر قرية صغيرة وتقتحم الصور علينا بيوتنا في كل وقت من اوقات النهار والليل وحتى يستسلم الانسان الى النوم وفي ظل هذا التطور لا توجد على الاطلاق صحف بلا صور الا تلك التي تتخذ موقفاً بعدم نشر صور بسبب طبيعة هذه الصحف وسياستها التحريرية واصبحت الصور الصحفية اهم شيء بارز في صحيفة اليوم.
حتما نشك في امكانية ذلك لاننا نعلم بأننا نعيش في عصر تعد الصورة إحدى سماته .. وعنصراً له وظيفته الهامة وليس مجرد شكل جمالي يزينها .. والتصوير الصحفي تحديدا بات يحتل موقعا بارزا على خارطة العمل الاعلامي في عالم اليوم ، وهو يعكس بذلك مدى التأثير الذي يمارسه هذا النمط من التصوير في صناعة الاعلام الحديث.
التصوير الصحفي كفن ، شهد تطورات كبيرة نقلته من المرحلة الجمالية كفن جميل لا يهتم فيه الفنان إلا بالشكل والتكوين الفني إلى المرحلة الإعلامية كفن تطبيقي وظيفي يهتم بالقيم الإخبارية والصحفية في الفترة من بين 1925م -1930 وفي عام 1940 ظهر لأول مرة فريق من المصورين الذين وجهوا عنايتهم إلى الموضوعات التسجيلية أكثر من الموضوعات الجمالية وكانت هذه المدرسة التسجيلية نواة فن التصوير الحقيقي.
طالع ايضا : فن التقرير الصحفي
وبذلك بدأت مرحلة جديدة تحول فيها الاهتمام من النواحي الجمالية الخالصة إلى النواحي الإعلامية وأصبحت مشكلات التكوين والإضاءة والنسب وغيرها من المعايير الجمالية وأصبحت تأتي في المرتبة الثانية بعد القيمة الإخبارية للصورة . إذاً من هذا المنطلق تظهر أهمية الصورة الصحفية للخبر الصحفي أكثر من أنها صورة جمالية فحسب.
ويعمد معظم المصوريين الصحفيين الى ايجاد سمات معينة لتمييز اعمالهم من غيرهم من المصورين ، خاصة اذا توافرت للجريدة الامكانيات الخاصة بها. ولاشك أن براعة المصورين وإبداعهم إلى جانب الإمكانيات المادية والآلية قادرة على ان تضيف إلى هذه السمات ابعادا عميقة يعتبر التصوير الفوتوغرافي هوالمرادف لفن الرسم القديم الذي إنتشر في عصر الفراعنة والعصور القديمة، فمن خلال العدسة يقوم المصور بوضع تصوره للحظه الملتقطة من خلال عدسته لتبقى حية مهما تغير الزمان أو المكان الذي أخذت فيه الصورة ، وتصبح ملكاً للتاريخ.
التصوير هو الاسلوب الامثل الذي يعوض الإنسان عن تصور أدواته وحواسه عن التذكر المستمر والإبقاء على الحدث أو الغرض مدوناً بطريقة صادقة لا كذب فيها أو إلتواء. وقديما قال الحكماء أن ترى أفضل الف مرة من أن تسمع.
إنطلق التصوير من فهم القدماء للضوء وإبتكارهم صندوقاً به ثقب ضيق في أحد أجنابه ومرآة مائلة على الوجه المقابل وحاجب ضوئي يتلقى الضوء المنعكس. وكان هذا الصندوق بداية الطريق نحو التصوير الراهن.
تعريف الصورة الصحفية
عرفت الصورة الصحفية بتعاريف عديدة منها تعريف محمود ادهم التعريف الطويل والشامل الذي تناول فيه ماذكره غيره من تعريفات وقدم لما هو ات بعده كما اشار الى الاساسيات المتصلة بها وجاء تعريفه كما يلي : ” الصورة الفنية ، البيضاء والسوداء او الملونة ذات المضمون الحالي المهم الواضح والجذاب والمعبرة وحدها او مع غيرها في صدق وامانة وموضوعية في اغلب الاحوال عن الاحداث او الاشخاص او الانشطة او الافكار او القضايا او النصوص والوثائق او المناسبات المختلفة المتصلة غالبا لمدة تحريرية معينة تنشرها او تكون صالحة للنشر على صفحات جريدة او مجلة او توزعها وكالة انباء او صور على سبيل التأكيد والتوضيح والتفسير والدعم والاضافة ولفت الانظار وزيادة الاهتمام والقابلية للقراءة والامتاع والمؤانسة وزيادة التوزيع وكمعلم وركيزة اخراجية والتي تلتقطها عدسة مصورها بطريقة تعكس حساً فنياً اتصاليا وفهماً لوظيفتها بعد اعداد خاص او بطريقة يدوية او مفاجئة او تحصل عليها بمعرفة المحرر او الوكالات او من مصدر محترف او حر او من يتصل بموضوعها عن قرب وغالبا ما تكون اخبارية او تكون تسجيلية او تفسيرية او جمالية او وثائقية وقد تكون قديمة متجددة الاهمية وتقدم بواسطة احد هذه المصادر نفسها او بمعرفة مركز المعلومات او ارشيف الصور الخاص بوسيلة النشر او دور المحفوظات والوثائق كما قد تكون مرسومة بريشة او قلم الرسام الخاص او اي رسام اخر مادامت مناسبة”
ومع تطور الصحافة اصبح الفن الصحفي الحديث فنا بصريا يعتمد على الصور والرسوم والخرائط كما اصبحت الصور تلعب دورا اساسيا في تحقيق اهداف الصحافة في عصر التطور والتقدم الرائع في فن التلفزيون وع ان الصور قد استخدمت في الصحافة منذ اكثر فان التوسع الكبير في استخدامها خلال السنوات الاخيرة كان له اثر على الصحافة منه في اي مضى فحتى العقد الرابع من هذا القرن لم تكن الصحف تحمل اكثر من صورة او صورتين على صفحاتها الاولى واكثر من عشر الصور في بقية صفحاتها تتسم بالجمود والتصنع اما الان فان التغيير والتطور قد اصاب عدد الصور وحجمها وطبيعتها لتزداد عدد الصور وخصصت لها صفحات كاملة واصبحت اللقطات الجديدة لموضوعات حية وذلك بفضل ابتكار حاجب الضوء الاسرع حركة والفيلم المتطور والعدسات الانقى خامة ثم واكب ذلك تطور سريع في صناعة الانماط او كذلك في طريقة نقل الصور بسرعة مذهلة سلكيا ولاسلكياً.
واليوم ترسل عبر الاقمار الصناعية صور او صفحات الجرائد حيث تطبع وتصدر في اماكن متفرقة من العالم في ذات الوقت بعد وضع الصور وصفحات الجرائد في مواجهة ضوء باهر وتتولى عدسات خاصة مسح الصور خطأ خطأ ونقطة نقطة وتحويلها الى نبضات كهربائية تحمل على اسلاك او على موجات اللاسلكية والراديو والموجات القصيرة وتعاود اجهزة اخرى التقاط الاشارات وترجمتها على شكل الصورة .
مواصفات المصور الصحفي
قبل ان نعطي مواصفات المصور الصحفي علينا ان نعرف من هو المصور الصحفي وما هو أمامه من مهام رئيسية.
المصور الصحفي : هو محرر صحافي يعتمد على الكاميرا في تحرير المواضيع الصحفية المختلفة وبمعزل عن توجيهات محرر النص المكتوب حرفاً ولكن وفق دراسة واضحة ومحددة تفادياً إذدواجية أو سوء الفهم تعدها الأقسام المختصة بالصحيفة أو المجلة أو القناة مثل القسم الاقتصادى ، السياسي ، الاجتماعي .. الخ ودون تحديد لأفكار التصوير حيث يحد ذلك من قدرات المصور وإبداعه في التصرف عند موقع الحدث أو التصوير لإستحالة التنبؤ بكيفية سير الأحداث، وهو قد يعمل لحسابه الخاص أو مصوراً صحافياً موظفاً لدى مؤسسة صحافية أو إعلامية ويوفر معداته وأدواته ومواده ومواضيعه الصحافية لنفسه ويبيع إنتاجه للجهات المعنية بصوره وكالات الأنباء الصحف ، المجلات بينما توفر له المؤسسة احتياجاته وغالباً مواضيعه في الحالة الثانية.
وقد يكون امام المصور الصحفي اختيارين لموضوع التصوير هما:
أ- مواضيع خارج سيطرة المصور الصحفي أي تلك التي لا يمكن له أن يتحكم في مجرياتها كالأحداث المفاجئة مثل أحداث ايلول / سبتمبر التي حدثت في امريكا عندما تم استهداف الابراج وكذلك المباريات الرياضية والحرائق والكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وانهيار المباني وغير ذلك.
ب- مواضيع تحت سيطرة المصور الصحفي ، أي تلك التي يمكنه التحكم (نسبياً) في مجرياتها بالتدخل كمخرج مثل التحقيقات المصورة لبعض المهن للتعريف بها وبالعاملين فيها ، شريطة أن لا يؤدي ذلك إلى تغيير طبيعة وحقيقة الأمر وبالتالي فقدان المصداقية.
أما المواصفات التي يجب ان يتمتع بها المصور الصحفي هي:
1.أن يكون ذا حركة سريعة .. وإنتباه مشدود للحدث الإخباري .. لأن فرص الحصول على اللقطات الناجحة قد تمر في ثواني معدودة لا تتكرر .
2.يجب أن يتمتع بالحس الصحفي.. فعليه أن يعرف ويميز غريزياً المشاهد التي تؤثر حتى يقدم صوراً ناجحة .. فالحياة يجب أن تكون بالنسبة للمصور سلسلة من الإحتمالات التي يمكن أن تلتقط بالعدسة .
3.أن يستطيع العمل في مختلف الظروف .. وألا يتأثر من أي مشهد يراه .. مهما كان نوع هذا المشهد .. صعباً ..أو مؤثراً.
4.الإلمام بالجوانب القانونية المرتبطة بعمله والتي تحدد وأجباته وحقوقه وحدوده المهنية.
5.الإلمام بقواعد التحرير الصحفي خصوصاً فيما يتعلق بتجاوز الاكليشيات (المكررات) والأفكار التقليدية والساذجة فالأفكار المستهلكة بالتكرار مستهجنة وكذلك الساذجة .
اهمية الصورة في الصحافة ( التصوير الصحفي )
الصورة الصحفية في الوقت الحاضر اختلفت اختلافا كبيرا عن السنوات السابقة من ناحية الفهم والاستيعاب لمفهوم الصورة الصحفية ومن ناحية الاهتمام الكبير وتعدد المؤسسات التي تعني وتهتم بالصورة الصحفية ، والإقبال الكبير للمصورين المحترفين والشباب على الدخول في عالم المخاطر التي تصل لحد الموت في كثير من الأحيان، كل ذلك من اجل نقل الحقيقة للإنسانية.
من خلال كل مايجري في عالم الفضائيات وأنواع الصحافة الأخرى أصبحت الصورة سيدة العصر بلا منازع والجميع يلهث ورائها ، بحيث وصلت إلى درجة أن أطلق المتخصصون اسم عصر الصورة على الوقت الحاضر لانتشارها الكثيف في حياتنا اليومية و لكون الصورة أثبتت مصداقيتها في نقل الحقيقة من موقع الحدث وميل القارئ والمشاهد إلى اختصار الخبر ومعرفة تفاصيله بنظرة واحدة للصورة المرافقة للخبر ، دون قراءة الأسطر المكتوبة واختصارا للوقت وكما يقول المثل الشعبي (شفت بعيني وما اكذب عيني) وهو ما يثبت حقيقة الاهتمام والسباق المحموم بين وسائل الإعلام من وكالات عالمية متخصصة في عالم الكلمة والصورة بالمصور وبعالم التصوير الصحفي .
الصورة الصحفية لعبت دور كبير في الوقت الحاضر في نقل الهم الإنساني ومجريات الحروب والكوارث الطبيعية سواء من صنع الإنسان أو الطبيعة ، وبرز اهتمام كبير في الوقت الحاضر بالصورة والمصور وجرى تركيز وتكثيف من قبل المؤسسات الإعلامية على تدريب المصورين التابعين لها بدورات تدريب وتطوير وتأهيل مستمرة ومتواصلة إضافة إلى تجهيز المصور بأحدث أنواع الكاميرات والعدسات الرقمية الغالية الثمن والخوذة الفولاذية والسترة الواقية من الرصاص من اجل السيطرة على ساحة الحدث والتسابق في إرسال الصورة فور حدوثها من خلال الأقمار الصناعية لحظة بلحظة.
طالع ايضا : فن التحقيق الصحفي