سياحة وسفر

سياحة الأعمال في المملكة العربية السعودية

تمثل صناعة سياحة الاجتماعات وسياحة الحوافز والمؤتمرات والمعارض جزءاً هاماً من قطاع السياحة في الوقت الحالي، والتي أصبحت تعرف بسياحة الأعمال (MICE)، وبسبب النمو السريع لهذا النوع من السياحة؛ فقد حظيتٍ باهتمامٍ واسع من قبل الباحثين، وحظيت مواضيع سياحة الأعمال بأكبر عدد من المنح الدراسية في الدول المتقدمة. (Rogerson, 2005, p1) حيث شهدت سياحة الأعمال نمواً قوياً خلال ربع القرن الماضي محلياً وعالمياً.

وتتنوع مواضيع سياحة الأعمال، لتشمل: رحلات العمل العامة، والدورات التدريبية، وحفلات إطلاق المنتجات، إلا أن أهم مواضيع سياحة الأعمال؛ استضافة الاجتماعات، وسياحة الحوافز، وسياحة المؤتمرات، والمعارض. (Law, 1987,p4, Rogerson, 2005, p1) وقد اصطلح الباحثون على إطلاق مصطلح سياحة الأعمال على الاجتماعات، والحوافز، والمؤتمرات، والمعارض، وتحقق صناعة سياحة الأعمال في الوقت الحالي العديد من المنافع والفوائد؛ فعلى المستوى الدولي International Level تسهم سياحة الأعمال في إتاحة فرص العمل، وزيادة الدخل القومي، وتوفير العملات الصعبة، وتطوير البنية التحتية، وتسهيل الحصول على التكنولوجيا الجديدة والأفكار الإبداعية وتنشيط العلاقات التجارية. (Dwyer and Mistilis, 1997,p9) وعلى المستوى المحلي Local Level تعمل سياحة الأعمال على تحفيز السوق المحلية، لأن سائح الأعمال هو الأعلى إنفاقاً بين أنواع السياح الأخرين، وتعد سياحة الأعمال منشطاً ومحفزاً للسوق المحلية لإمكانية تنشيطها خارج موسم الذروة السياحية Peak Periods، كما تعمل على تنشيط العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل: المطابع، محلات بيع الورود، محلات التصوير، وخدمات الضيافة وغيرها.

وتتنافس العديد من الدول على استقطاب فعاليات سياحة الأعمال، وتهيئة البيئة لتكون جاذبة ومحفزة لاستضافة الحدث. وتستحوذ دول أوروبا الغربية على نسبة عالية من سياحة الأعمال العالمية، تنافسها في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وتحل دول جنوب آسيا ودول المحيط الهادي في المركز الثالث عالمياً.

وفي ظل التغيرات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وبخاصة الانخفاض المضطرد لأسعار النفط، يصبح قطاع سياحة الأعمال أحد القطاعات المهمة التي يمكن للمملكة العربية السعودية تنميتها لتشكل ركيزة في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني الذي تسعى المملكة جاهده لتحقيقه.

وتتمتع المملكة بالسمعة العالمية لكي تصبح مركزاً لسياحة الأعمال في الشرق الأوسط، وقد تكونت هذه السمعة بفضل المكانة الاقتصادية والسياسية والدينية للمملكة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وعلى المستوى العالمي، كما أن الوفرة المالية التي تتمتع بها المملكة تمكنها من تهيئة بيئة ملائمة لسياحة الأعمال، إلا أنه لم يتم استغلال هذه السمعة للمملكة على الوجه الأمثل، ولم يؤخذ هذا القطاع على محمل الجد. وتظهر الأرقام قوة مساهمة هذا القطاع في اقتصاديات الدول التي حفزت بيئة سياحة الأعمال، فقد ضخت سياحة الحوافز فقط نحو 27 بليون دولار في الاقتصاد العالمي عام 2001م. (Xiang and Formica, 2007, p 1193) وفي عام 2002 ضخت سياحة المؤتمرات 40.2 بليون دولار في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، ونحو 2.2 بليون جنيه في الاقتصاد البريطاني. (منظمة السياحة العالمية، 2005) وفي منطقة الشرق الأوسط بلغ حجم الإنفاق على قطاع سياحة الأعمال عام 2014م نحو 33.1 مليار دولار، ويتوقع أن تصل أرباحه إلى نحو 49 مليار دولار بحلول عام 2024م. (مجلس السفر والسياحة العالمي، 2015)

إن المملكة أمام فرصة كبرى لتكون بؤرة سياحة الأعمال في الشرق الأوسط في ظل توفر محفزات بيئة سياحة الأعمال، وهذا ما تهدف هذه الدراسة إلى توضيحه، بالإضافة إلى دراسة عوامل القوة والضعف لبيئة سياحة الأعمال في المملكة، والفرص والتهديدات التي تواجه المملكة في سبيل تحفيز بيئة سياحة الأعمال فيها.

الأثار الاقتصادية لسياحة الأعمال

رغم كثرة الدراسات التي تناولت سياحة الأعمال في الدول الغربية، إلا أن الدراسات التي تتناول الأثار الاقتصادية لسياحة الأعمال تقل بشكلٍ واضح، ومن أبرزها دراسة 1992Brann، في أورلاند، فلوريدا، ومن الدراسات التي تناولت الأثار الاقتصادية لسياحة الأعمال في آسيا دراسة 2001 Kim, et, al, في كوريا الشمالية، والسبب في قلة هذه الدراسات: (Kim, et,al,2003 pp2-3)

1-لم يمضي وقتٍ طويل على اعتبار سياحة الأعمال سوقاً سياحياً مهماً.

2-صعوبة تتبع الإنفاق في المؤتمرات، لأنه يتوزع بين رجال الأعمال والجهات الراعية والمنظمين.

3-تعدد القطاعات المرتبطة بسياحة الأعمال، مثل قطاع الفنادق، والمطاعم، وخدمات التصوير، وخدمات الضيافة، وغيرها من القطاعات، حيث يصعب حصرها.

– تنوع المؤتمرات والفعاليات، من حيث طبيعتها، وعدد المشاركين.

وتسهم سياحة الأعمال في الاقتصاد، لأنها تتميز بعددٍ من السمات؛ أهمها: (Kim, et,al,2003 pp3-5)

– ارتفاع عدد الحضور في المؤتمر الواحد.

2 -تقام الفعاليات السياحية كالمؤتمرات والمعارض والاجتماعات خارج موسم الذروة السياحية.

3 -مدة إقامة رجال الأعمال تفوق مدة الإقامة في الأنواع السياحية الأخرى.

4-يعد إنفاق رجال الأعمال مرتفعاً مقارنة بالإنفاق في الأنواع السياحية الأخرى.

5-عادةً، يقوم رجال الأعمال بتكرار زيارة المنطقة برفقة عائلاتهم، بسبب اكتساب الخبرة.

6-ترتبط سياحة الأعمال بالعديد من الصناعات والخدمات الأخرى في الدولة، فقد أحصى الباحث 32(1992 Braun,s) قطاعاً تستفيد من سياحة الأعمال.

وتسهم سياحة الأعمال في تطوير البنية التحتية كالمواصلات والمطارات والخدمات العامة، وتشجيع الاستثمارات الداخلية، وقد أورد Swarbrooke بريطانيا كمثال على ذلك، فقد أثرت سياحة الأعمال في الاستثمارات الداخلية على النحو التالي (Swarbrooke, et, al, 2001,P8) :

طالع ايضا : أهم 8 نصائح يجب أن تعرفها عند استئجار سيارة في دبي

1- قامت المدن الصناعية بتنويع وتحديث اقتصاداتها، مثل برمنغهام.

2-عملت المنتجعات السياحية التقليدية على تمديد الموسم لجذب مزيداً من رجال الأعمال، مثل: منتجع برايتون، ومنتجع بورنموث.

وتسهم سياحة الأعمال في الحصول على التكنولوجيا الجديدة، والأفكار الإبداعية، وبناء علاقات تجارية، ورغم هذه المنافع التي تؤديها سياحة الأعمال، إلا أن لها بعض الأثار السلبية؛ مثل: الحاجة إلى استثمارات مالية حكومية في البنية التحتية وتطويرها وإنشاء مراكز المؤتمرات والمعارض، بالإضافة إلى خلق بعض المشاكل للمجتمع المضيف كالجرائم والازدحام.

ولسياحة الأعمال علاقات متشابكة مع قطاع السياحة بشكل عام، فالارتباط الكبير بين قطاع المعارض والمؤتمرات وصناعة السياحة وبخاصة الفنادق، ومنظمي الرحلات، ووكالات السفر، وغيرها من الأنشطة والمهن السياحية، جعل العديد من الدول تربط استراتيجياتها السياحية باستراتيجيات تنمية قطاع المعارض والمؤتمرات فيها. علماً أن الرحلات السياحية بغرض حضور المعارض والمؤتمرات تمثل أكثر من 15% من إجمالي السياحة في العالم بواقع أكثر من (135) مليون رحلة سياحية. (منظمة السياحة العالمية،2014)

ويلعب قطاع المعارض والمؤتمرات دوراً محورياً في جلب الخبراء وتوطين المعرفة من خلال إكساب الكفاءات الوطنية بالمعارف والعلوم والخبرات الجديدة والممارسات المهنية المطورة. ويُشكل هذا القطاع عنصراً رئيساً من الاقتصاد القائم على المعرفة، بوصفه وسيلة لتطوير قطاعات الأعمال والمجتمعات المهنية والأكاديمية. فالمؤتمرات والندوات والمنتديات على سبيل المثال تعدّ وسيلة متميزة في تطوير قدرات الأشخاص العاملين في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، وأيضاً وسيلة فعالة لتبادل الثقافات وإبراز الحضارات وإحياء التقاليد والتراث.

وقد أدرج Lawson العوامل التالية كعوامل أدت إلى الطفرة غير المسبوقة في نمو سياحة الأعمال: (Lawson, 2000, p11)

1-التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص.

2-نمو الشركات متعددة الجنسيات، مما استدعى ضرورة الاجتماعات للتنسيق بين الفروع.

3-نشأة ونمو الجمعيات الأهلية والتطوعية.

4-تطور المبيعات التكنولوجية، وعروض إطلاق السلع.

5-الحاجة إلى تحديث المعلومات وأساليب العمل في الشركات من خلال التدريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *